حكم الأخذ بالتفسير المأثور
التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه
والأخذ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ
في كتاب الله وقد روى عن ابن عباس أنه قال : " التفسير على أربعة أوجه :
وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه
العلماء وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله "
فالذي تعرفه العرب هو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ببيان اللغة
والذي لا يعذر أحد بجهله : هو ما يتبادر فهم معناه إلى الأذهان من
النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ولا لبس فيها ، فكل امرئ
يدرك معنى التوحيد من قوله تعالي : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ـ 19 محمد )
وإن لم يعلم أن هذه العبارة وردت بطريق النفي والاستثناء فهي دالة على
الحصر
وأما ما لا يعلمه إلا الله ، فهو المغيبات ، كحقيقة قيام الساعة ،وحقيقة الروح
وأما ما يعلمه العلماء : فهو الذي يرجع إلى اجتهادهم المعتمد على
الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي ، من بيان مجمل ، أو تخصيص عام ، أو نحو
ذلك (1)
وقد ذكر ابن جرير الطبري نحو هذا؛ فقال : " فقد تبين
ببيان الله جل ذكره :" أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلي الله عليه
وسلم ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلي الله عليه وسلم ،
وذلك تأويل جميع ما فيه : من وجوه أمره ـواجبه وندبه وإرشاده ـ وصنوف نهيه ،
ووظائف حقوقه وحدوده ، ومبالغ فرائضه ، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض ،
وما أشبه ذلك من أحكام آية التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلي
الله عليه وسلم لأمته ، وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول
الله صلي الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه ، أو بدلالة قد نصبها دالة
أمته على تأويله.
وأن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله
الواحد القهار ، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة ، وأوقات آتية ، كوقت
قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول عيسي بن مريم ، وما أشبه ذلك (
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا
هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل
إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون 187 ـ الأعراف )
وأن منه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك
إقامة إعرابه ، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها ،
والموضوعات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم ،
وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض
قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون 11 ، 12 ـ
البقرة ) لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة وأن
الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة ، وإنجهل المعاني التي جعلها الله
إفسادا والمعاني التي جعلها الله إصلاحا" (2)
=======
1- مناع القطان - مباحث في علوم القرآن، ص 347 وما بعدها.
2- ابن جرير الطبري جامع البيان
التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه
والأخذ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ
في كتاب الله وقد روى عن ابن عباس أنه قال : " التفسير على أربعة أوجه :
وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه
العلماء وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله "
فالذي تعرفه العرب هو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ببيان اللغة
والذي لا يعذر أحد بجهله : هو ما يتبادر فهم معناه إلى الأذهان من
النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ولا لبس فيها ، فكل امرئ
يدرك معنى التوحيد من قوله تعالي : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ـ 19 محمد )
وإن لم يعلم أن هذه العبارة وردت بطريق النفي والاستثناء فهي دالة على
الحصر
وأما ما لا يعلمه إلا الله ، فهو المغيبات ، كحقيقة قيام الساعة ،وحقيقة الروح
وأما ما يعلمه العلماء : فهو الذي يرجع إلى اجتهادهم المعتمد على
الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي ، من بيان مجمل ، أو تخصيص عام ، أو نحو
ذلك (1)
وقد ذكر ابن جرير الطبري نحو هذا؛ فقال : " فقد تبين
ببيان الله جل ذكره :" أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلي الله عليه
وسلم ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلي الله عليه وسلم ،
وذلك تأويل جميع ما فيه : من وجوه أمره ـواجبه وندبه وإرشاده ـ وصنوف نهيه ،
ووظائف حقوقه وحدوده ، ومبالغ فرائضه ، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض ،
وما أشبه ذلك من أحكام آية التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلي
الله عليه وسلم لأمته ، وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول
الله صلي الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه ، أو بدلالة قد نصبها دالة
أمته على تأويله.
وأن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله
الواحد القهار ، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة ، وأوقات آتية ، كوقت
قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول عيسي بن مريم ، وما أشبه ذلك (
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا
هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل
إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون 187 ـ الأعراف )
وأن منه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك
إقامة إعرابه ، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها ،
والموضوعات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم ،
وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض
قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون 11 ، 12 ـ
البقرة ) لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة وأن
الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة ، وإنجهل المعاني التي جعلها الله
إفسادا والمعاني التي جعلها الله إصلاحا" (2)
=======
1- مناع القطان - مباحث في علوم القرآن، ص 347 وما بعدها.
2- ابن جرير الطبري جامع البيان